كان الطالب مصطفى وهو ابن 14 ربيعا ويدرس في مدرسة دار الايتام بحي الثوري بالقدس من الطلبة المعروفين بعدم انضباطهم والتزامه بالعملية التعليمية قبل شهور، ولكن هذا الحال انقلب رأساً على عقب بمجرد التحاقه بمشروع "من أجل هويتي أغني" الهادف لتعزيز الهوية الثقافية الفلسطينية لطلبة المدارس المقدسية.
أصبح مصطفى من الطلبة الملتزمين بالعملية التدريسية وهو ما انعكس على تحصيله الأكاديمي الذي ارتفع بصورة ملحوظة، والأهم من ذلك أنه وجد نفسه في المشروع فكان من الطلبة المبدعين في الموسيقى، كما عزز المشروع عند مصطفى السلوك الايجابي كونه كان من أكثر الطلبة الذين يمارسون سلوكيات عنيفة تجاه الاشخاص والأشياء، كان متنمرا على زملائه وطاقم التعليم وحتى على ضيوف المدرسة من ممثلي مؤسسات وغيره. مصطفى اليوم لديه ثقة جيدة بنفسه وبما يفعل، وجد بأنه يستطيع التعبير عن نفسه بصورة لبقة وبأنه يستطيع التعامل مع الآخرين باحترام فهو ليس بحاجة بعد الآن ليثبت شيئا لأحد، كأن يثبت بأنه القوي والمسيطر، أصبح يستهويه أن يعبر عن ذاته بالأغاني تحديدا "الراب" وقل التنمر لديه حتى أنه تقريبا اختفى.
"من أجل هويتي أغني" مشروع فني تنموي يستهدف طلبة مدراس مدينة القدس لتعزيز الهوية الثقافية الفلسطينية لطلبة المدارس المقدسية بتنفيذ من مؤسسة "المدى" بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم وبتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وبدعم وإشراف“التعاون”.
وقالت منسقة المشروع روان غنيم إن مشروع "من أجل هويتي أغني" يهدف إلى مساعدة الطلبة على بلورة هويتهم الشخصية والوطنية وإكسابهم مجموعة من المهارات والأدوات لتساعدهم في التعبير عن آرائهم في القضايا التي تشكل محور اهتمامهم بأساليب فنية إبداعية مختلفة.
وخلال المشروع جرى تنفيذ 16 لقاء لكل مجموعة في 3 من المدارس المقدسية شارك فيها 58 طالباً وطالبة، وشكلت أنوية ثقافية فنية خضع فيها الطلبة لتدريب مكثف واختتمت بأنتاج أغان من كلماتهم. كما اشتمل المشروع على العمل على تمكين وتطوير قدرات ومهارات معلمي ومرشدي 24 مدرسة حكومية مقدسية، في استخدام وتوظيف الموسيقى والفنون في الأنشطة المدرسية والتعبير الحر، وبالاضافة إلى ذلك تم تدريب وتأهيل 24 معلم/ة على التخطيط للأنشطة الحرة والعروض الفنية المدرسية والتطبيقات التجريبية وتمت متابعة تنفيذ الأنشطة في المدارس، كما وزعت 25 حقيبة مدرسية تحتوي على مواد وأدوات يتم استخدامها في تنفيذ الأنشطة الفنية على المدارس التي شارك معلموها في ورشات التدريب.
"المشروع ترك أثراً ايجابياً شعر به القائمون عليه والطلبة، إذ أصبحت لديهم مساحة للتعبير عن أنفسهم وزادت نسبة ثقتهم بذاتهم واكتشفوا مواهب ومهارات يمتلكونها وكانت مدفونة في داخلهم بالاضافة الى التثقيف الموسيقي"، تضيف غنيم.
أما مدير مدرسة دار الأيتام في حي الثوري بالقدس أحمد الصفدي، فأكد أنه تفاعل مع المشروع منذ اللحظة الاولى لاتصال قسم الانشطة في مديرية التربية والتعليم به وانه كان متحمسا للغاية للعمل على الرغم من أنها المرة الأولى التي تتعامل فيها المدرسة مع فرقة متخصصة في تعليم الفنون الموسيقية.
يضيف "استطاع الطلبة تكوين أغنية جماعية وأدوها امام مجلس أولياء الأمور وفي الاذاعة المدرسية وهذا ساهم بارتفاع مستويات الثقة الجماعية وانعكس على نشاطات اخرى شاركوا فيها، فقد حصلوا على المركز الثالث على مستوى الوطن في مسابقة المسرح". وأشار إلى أنه في ظل استهداف المدراس الفلسطينية في القدس من قبل الاحتلال فقد استطاع الطلبة الملتحقين بالمشروع أن يثبتوا الهوية الوطنية من خلال الاغنية الوطنية.
"الطلبة يريدون استمرار هذا المشروع في المدرسة لا سيما وأن المدارس الخاصة تتميز عن المدارس الحكومية بفعالياتها وانشطتها اللامنهجية، وباستمرار المشروع ستتمكن مدرستنا ومثيلاتها من كسر روتين المنهاج واستخدام اساليب تعليمية جديدة تثري خيال الطلبة، اشكر الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي الذي ترك بصمة واضحة في مدارس القدس وفي كل القطاعات الاقتصادية في المدينة واثمن مهنية "التعاون" في الرقابة والاشراف على المشاريع، واتمنى أن تعمم التجربة على كافة مدارس الاوقاف حتى يتم تنمية مواهب الشباب"، قال الصفدي.